لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
129988 مشاهدة
مؤلفات في عجائب وغرائب الخلق

...............................................................................


قد ذكرنا أن من المواضع ما ذكر في هذا الكتاب، وكذلك أيضا كتاب اسمه عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات مؤلفه القزويني تكلم فيه أيضا على الإنسان من رأسه إلى قدمه عضوا عضوا ومن المواضع أيضا كتاب التبيان لابن القيم تكلم فيه أيضا على خلق الإنسان عندما تعرض لقوله تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ وفي أنفسكم، فتكلم على عجائب الأرض، ثم على عجائب خلق الإنسان، ومن المواضع أيضا كتابه الذي هو مفتاح دار السعادة فقد أفاض فيه في التأمل والتفكر وأتى بأعجب العجائب.
ولا شك أيضا أن المتأخرين لهم كتب في ذلك؛ لأنهم قد اطلعوا على أشياء لم يطلع عليها الأولون بواسطة تشريح أعضاء الإنسان عضوا عضوا، ومعرفة وظيفة كل عضو. ذكر بعض العلماء أنه اطلع على كتاب لبعض الأطباء المعتبرين ألفه بعنوان: الإنسان ذلك العَلَم المجهول فجعل الإنسان أعلم بما فيه من هذه العجائب، ولما تكلم هو وغيره أيضا على لسان الإنسان هذا اللسان الذي بين فكيه ذكر أن فيه أكثر من مئات المواد أو ألوف التي جعلها الله تعالى فيه، وكذلك في المعدة مئات الملايين، ولا شك أن هذا دليل على عظمة هذا الخلق، وكذلك قدرة الخالق وأنه أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ وأن هذا من عجائب قدرته، ولو تفكر في أدنى شيء منه لتعجب، لو تفكر مثلا في هذا الشعر كيف ينبت شيئا فشيئا؟ لعرف أن الله ما أنبته إلا لحكمة، ولو تفكر في هذه الأظفار التي في رؤوس الأصابع كيف تنمو وتنبت، وكذلك أيضا في أظلاف الدواب كيف تنمو أو كيف تتوقف لعرف عظمة الله سبحانه وتعالى، هذا من التفكر. هناك نوع آخر أيضا من التفكر ألا وهو التفكر فيما بعد الموت.